منهج يسير عليه المؤمن في حياته
الشيخ إبن عثيمين ـ رحمه الله ـ
وبعد،
فقد سألتني بارك الله فيك أن أضع لك منهجاً تسير
عليه في حياتك وإني
لأسأل الله - تعالى -أن يوفقنا جميعاً لما فيه
الهدى والرشاد والصواب والسداد،
وأن يجعلنا هداة مهتدين صالحين مصلحين فأقول:
أولا مع الله عزّ وجَّل :
1- احرص على أن تكون دائماً مع الله - عز وجل -
مستحضراً عظمته
متفكراً في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض
وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته
ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم
محمد - صلى الله عليه وسلم -.
2- أن يكون قلبك مملوءً بمحبة الله - تعالى -لما يغذوك به
من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام
والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك.
3- أن يكون قلبك مملوءاً بتعظيم الله - عز وجل -
حتى يكون في نفسك أعظم شيء.
وباجتماع محبة الله - تعالى - وتعظيمه في قلبك تستقيم
على طاعته قائماً بما أمر به لمحبتك إياه تاركاً لما نهى
عنه لتعظيمك له.
4- أن تكون مخلصاً له جل وعلا في عباداتك متوكلاً عليه
في جميع أحوالك لتحقق بذلك مقام
{إيَّـاكّ نّعـبُدُ و إيَّاكّ نّسـتَـعِين}.
وتستحضر بقلبك أنك إنما تقوم بما أمر امتثالاً لأمره
وتترك ما نهى عنه امتثالاً لنهيه،
فإنك بذلك تجد للعبادة طعماً لا تدركه مع الغفلة وتجد في
الأمور عوناً منه لا يحصل لك مع الاعتماد على نفسك.
ثانياً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
1- أن تقدم محبته على محبة كل مخلوق وهديه وسنته
على كل هدى و سنة.
2- أن تتخذه إماماً لك في عباداتك وأخلاقك بحيث تستحضر
عند فعل العبادة أنك متبع له، وكأنه أمامك تترسم خطاه
وتنتهج نهجه. وكذلك في مخالقة الناس أنك متخلق بأخلاقه
التي قال الله له عنها:
{وإنك لعلى خُلُق عظيمٍ ُ}.
ومتى التزمت بهذا فستكون حريصاً غاية الحرص على
العلم بشريعته وأخلاقه.
3- أن تكون داعياً لسنته ناصراً لها مدافعاً عنها، فإن
الله - تعالى - سينصرك
بقدر نصرك لشريعته.
ثالثاً: عملك اليومي غير المفروضات:
1- إذا قمت من الليل فاذكر الله - تعالى - وادع بما شئت،
فإن الدعاء في هذا الموطن حري بالإجابة واقرأ
قول الله - تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }
آل عمران190 }
حتى تختم سورة آل عمران وهي عشر آيات.
2- صل ما كتب لك في آخر الليل و اختم صلاتك بالوتر.
3- حافظ على ما تيسر لك من أذكار الصباح.
قل مائة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك
وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
4- صل ركعتي الضحى.
5- حافظ على أذكار المساء ما تيسر لك منها.
رابعاً: طريقة طلب العلم:
1- احرص على حفظ كتاب الله - تعالى - واجعل لك كل
يوم شيئاً معيناً تحافظ على قراءته، ولتكن قراءتك بتدبر وتفهم.
وإذا عنت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها.
2- احرص على حفظ ما تيسر من صحيح سنة الرسول -
صلِّ الله عليه وسلم
- و من ذلك حفظ عمدة الأحكام.
3- احرص على التركيز والثبات بحيث لا تأخذ العلم نتفاً
من هذا شيء، لأن هذا يضيع وقتك و يشتت ذهنك.
4- ابدأ بصغار الكتب وتأملها جيداً ثم انتقل إلى ما فوقها
حتى تحصل على العلم شيئاً فشيئاً على وجه يرسخ في قلبك
و تطمئن إليه نفسك.
5- احرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها
وقيد كل شيء يمر بك من هذا القبيل،
فقد قيل: من حرم الأصول حرم الوصول.
6- ناقش المسائل مع شيخك أو من تثق به علماً وديناً
من أقرانك ولو بأن تقدر في ذهنك أن أحداً يناقشك فيها إذا
لم تمكن المناقشة مع من سمينا.
هذا،
وأسأل الله - تعالى - أن يعلمك ما ينفعك وينفعك بما علمك
ويزيدك علماً ويجعلك من عباده الصالحين وحزبه المفلحين
__________________